حيرة تواجه الليبيين بشأن تحقيق العدالة مع القذافي ورموز حكمه التفاصيل من هنا

بعد 42 سنة من غياب أي نظام قضائي مستقل في ليبيا، تنتاب الليبيين الحيرة وهم يتساءلون عن الطريقة التي يتعين عليهم أن يتعاملوا بها مع الرئيس الهاب معمر القذافي ورموز حكمه.
ليبيا بلد منكوب بسنوات من انعدام القانون، وهو أمر يعتقد الكثيرون أنه تعزز بمباركة من النظام القضائي الليبي نفسه.
وكثيرا ما استراح الليبيون إلى حل نزاعاتهم بأنفسهم، سلما أو ضربا، بدلا من اللجوء للمحاكم التي تربوا على كراهيتها.
وشهدت الآونة الأخيرة كلاما كثيرا عن التغييرات القادمة في ليبيا، وكان في موضع القلب من ذلك الحديث عن إقامة "دولة القانون" التي تغنى بها القادة المعارضون.
والواقع أن أي نظام قضائي ينشأ في ليبيا في المستقبل سيكون مثقلا بالعمل إذا تقرر أن تسير الأمور وفقا للقانون في ليبيا.
فمنذ الآن وقبل إنشاء ذلك النظام ، يثور جدل كبير بين الليبين حول من يجب ومن لا يجب أن يقدم للمحاكمة.
مثل هذا التساؤل يدور في ظل شواهد كثيرة تدل على أن الفساد قد حرم ليبيين كثيرين من التمتع بثروات بلادهم ، وأن بعض الأسر الغنية تحاول تعويض ذلك بدفع مساهمات للأعمال الإنسانية والخيرية.
وفي الوقت نفسه فإن ليبيين كثيرين يعتقدون أنه لا يمكن طلب العدالة من المحاكم.
القذافي
صورة من مذكرة الإعتقال الدولية الصادرة بحق القذافي
هناك بالفعل دعوات علنية كثيرة ضد الإجراءات الإنتقامية.
ولكن كثيرين من أنصار القذافي قبض عليهم ووضعوا قيد التحقيق في مراكز اعتقال دون أن تتاح لهم أي حقوق قانونية أو توجه لهم تهم رسمية.
هناك آخرون ، وخاصة من أعضاء اللجان الثورية التي أنشأها القذافي ، خضعوا للتحقيق وسمح لهم بالعودة إلى منازلهم.
ورغم كل ما يقال عن إحجام السلطة الإنتقالية عن الإجراءات الإنتقامية فإن مايقال في الجلسات الخاصة لا يعكس دائما ما يقال في العلن.
ويقول أمين ، وهو رجل أعمال محلي في طرابلس "هذا الطابور الخامس، ينبغي أن يعدموا جميعا بلا محاكمه".
أما فيما يتعلق بالقذافي وابنه سيف الإسلام فإنهما مطلوبان لدى المحكمة الجزائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب، ولكن من غير المرجح أن يقبل الليبيون بأن يحاكم هذان الرجلان خارج ليبيا.
ففي شهر أغسطس آب الماضي قال زعيم المجلس الإنتقالي الليبي مصطفى عبد الجليل إن الجرائم التي ارتكبها القذافي في حق شعبه قبل 17 فبراير شباط تكفي لتقديمه للمحاكمة أكثر من تلك التي ارتكبها بعد 17 فبراير".
وبعد أسبوع من ذلك التصريح أعلنت السلطات الإنتقالية في ليبيا عن رصد جائزة لمن يدلى بمعلومات تفيد في الوصول إلى القذافي حيا أو ميتا.
ولعل الإعدامات العلنية ليست غريبة عن ليبيا. فكثيرون من أعداء نظام القذافي خلال عقدي السبعينات والثمانينات شنقوا علنا امام جمهور ربما يشعر بالذعر ولكن أيضا بالعجز عن فعل أي شيئ.
لقد عاد القذافي ليعلن أنه وابنه سيف الإسلام مصران على مواصلة القتال حتى الموت في ليبيا.
ومن المؤكد أن ليبيين كثيرين قد يسعدهم أن يحققوا له هذه الرغبة.
وليبيا الآن تقف في مفترق طرق، وتتمزق بين ذكريات القبضة الحديدية تحت وطأة النظام السابق، والحاجة لإرساء حكم القانون في ظل النظام الجديد.