الحياة الخفية لعائلة القذافي وأثاث القصور على الطراز المغربي


 

أخبارنا المغربية

بدأت الأسرار التي لم يعلمها الليبيون عن العقيد معمر القذافي الذي اعتاد وصف نفسه بالأخ القائد، طوال 42 عامًا، في الكشف تزامنا مع سقوطه. ونشرت الصحف تفاصيل الحياة في المجمعات السكنية والمزارع والقصور التي امتلكتها العائلة التي تركت ليبيا الغنية بالنفط في حالة فوضى وعدم استقرار. ففي مزرعة يمتلكها ابنه الساعدي تجد الخيول تجري بجوار تماثيل رخامية لنمور وأسود ودببة، وتقوم الغزال باللعب في بركة خاوية توجد داخل مزرعة الساعدي الذي عرف بأنه شخصية هوائية، فقد احترف كرة القدم لفترة ثم أصبح جنديًا، وخاض كذلك تجربة إنتاج الأفلام في هوليوود. وفي غرفة نوم الساعدي تم العثور على النسخة الإنكليزية من كتاب "المخابرات الناجحة". والحقيقة إن منازل القذافي افتقدت العظمة التي وجدت في ممتلكات الرئيس العراقي السابق صدام حسين، فلا توجد أعمدة رخامية تحمل الحروف الأولى من اسمه أو تماثيل لقبضته أو خنادق مليئة بالكلاب الشرهه مثلما تم العثور عليه في قصور الرئيس العراقي السادي، مما يشير إلى شعور ما بالنقص داخله الزعيم الليبي لا يتناسب مع سلطته المطلقة، وهو ما جعل المعارض الليبي فؤاد الجريتلي يقول، وهو يمر بسيارته بالقرب من المطار المعروف بالمزرعة في المكان الذي كان القذافي يعيش فيه، "إنه بالنظر إلى رجل في مثل ثرائه فإن القذافي كان رخيصًا جدًا".والآن في المزرعة تتجول الإبل بحرية دون مراقبة، ولا تزال الخيمة الخاصة بالقذافي، والتي كان يستقبل ضيوفه فيها، قائمة في المنتصف مزينة بصور للإبل والنخيل، بعدما لم تقم طائرات حلف شمال الأطلسي بقصفها واكتفت بقصف مبنى على الطراز المغربي. وتوجد أيضًا خيام أخرى مصنوعة من قماش أكثر فخامة وبعض المباني الخرسانية للاستخدام الرسمي. وبينما قام فؤاد الجريتلي مع صديقه بالتجول بحرية في المجمع الذي لم يكن مسموحًا لأحد بالاقتراب من بوابته، فقد اعترف الطبيب مالك الباقوري، من طرابلس، أن القذافي نفسه لم يكن يعيش نمط حياة الأثرياء، ولكنه فتح الباب لأبنائه وأفراد قبيلته والعائلات المحيطة به لتعيش في ثراء على حساب الشعب الليبي لأكثر من 40 عامًا. لاسيما أبناءه الذين يمتلكون سجلات مليئة بالمشكلات، ومنهم حنبعل الذي كان بطل أزمات قانونية كثير في أوروبا، وسيف الإسلام الذي بدأ داعيًا للإصلاح قبل أن يتحول إلى نسخة أكثر سوءًا من والده.
ولم تكن الفخامة واضحة في منازل القذافي وأبنائه، فحتى المطلة على البحر المتوسط منها لم تكن فاخرة أو فارهة، بل كان الطلاء مقشرًا في بعض المواضع والأثاث يعطي إيحاء بالانتماء للسبعينات، ولكن بالنسبة للمقاتلين الذين تجولوا في منزل حنبعل المفروش بالأبيض والأسود والمحاط بأعشاب بلاستيكية، فقد كان هناك ما يكفي من الرفاهية ليثير الغضب في بلد يتم إهدار ثرواته لحساب مجموعة معينة من الأشخاص.
وأبرز دليل على ذلك هو قيام المقاتل بهاء الدين زنتاني وشقيقه بالوقوف لالتقاط الصور أمام سرير حنبعل ومجموعة الألعاب الرياضية واللياقة المنزلية التي قال زنتاني إنه لم يرَ مثلها في حياته. وعلى الأرفف، توجد عدة زجاجات خمور فارغة يبدو أن حنبعل قام بشربها في المنزل المطل على مشهد بديع للبحر المتوسط. وتساءل الشقيق سراج الدين زنتاني وهو يحمل بندقية إسرائيلية الصنع عن السبب الذي يدفع رجلا يعيش في مثل هذا المكان أن يكون فاسدًا، ولماذا لا يكتفي بالاستمتاع بالبحر كل يوم.
أما الابن الأكثر ترفا فهو معتصم، الذي كان يشغل منصب مستشار الأمن القومي، والذي أحاط نفسه بهالة من الترف، حيث كان يتحرك دائمًا في موكب من السيارات، ويعيش في مزرعة في حي باب زارة عالية الجدران ذات أربع بوابات على جوانبها تم تصميمها بحيث تبدو كجدران حجرية. وفي الداخل عربة تجرها أربعة خيول تقود إلى حمام سباحة، وأعمدة رخامية في المدخل تعلوها قباب ذهبية. وهو ما جعل أحد مقاتلي مصراتة يشبه المزرعة وهو يتجول فيها بأنها "قصر علاء الدين"، بينما خرج آخر حاملا كتاب يضم طوابع البريد العديدة التي طبعت حاملة صورة الأخ العقيد القذافي.
وكانت برقية دبلوماسية أميركية كشفها موقع ويكيليكس العام الماضي قد وصفت معتصم بأنه "طموح وقادر على المنافسة" كوريث محتمل للبلاد، فقال الدبلوماسي جين كريتز، والذي كان وقتها سفيرًا للولايات المتحدة في ليبيا، في البرقية إن معتصمًا، الذي كان قبل عامين "أكثر من ولد عابث"، قد فاجأ الجميع بجديته في التعامل مع مسؤولياته الجديدة كمستشار للأمن القومي. وعندما دخل المقاتلين منزله وجدوا بارًا مليئًا بالليمون المأخوذ من عدة فدادين مزروعة ليمون والزيتون في المزرعة. ووجدوا الفوانيس الصينية معلقة على حمام السباحة الواسع الذي تطل عليه شرفة بديعة. ولوحة واحدة باقية في مكانها تمثل حربًا لمقاتلي الساموراي. مما جعل المقاتل محمد الهتماني يبدي دهشته من وجوده داخل المنزل الذي لم يكن يحلم بدخوله في يوم من الأيام، بل وقال إنه لم يكن مسموح لأحد بركن سيارته في الشارع بأكمله حتى ولو كان من سكانه.
وقام مقاتلو المعارضة بإغلاق منزل ابنة القذافي عائشة بسبب العدد الكبير من الأشخاص الذي توافدوا عليه للالتقاط الصور والبحث عن أي تذكار من منزل ابنة الرجل الذي كان يطرح نفسه دائمًا بصورة المفكر الثوري المكافح دائمًا، والذي روج لأفكاره الغريبة الموجودة في كتابه الأخضر. ولكن نمط حياته لم يكن أبدًا مماثلا لأقواله، سواء بالملابس الغريبة التي اعتاد ارتداءها، أو بحرسه المكون من سيدات فقط قيل إنهم يقسمون على العذرية، أو بأقواله وتصرفاته غير المنضبطة، وقراراته التي أفسدت التعليم والصحة والإسكان في البلاد التي أطلق رئيسها على نفسه "ملك ملوك أفريقيا".
والآن، وبعد انهيار نظام القذافي، الذي حكم البلاد 42 عامًا، لم يعد أحد يخاف منه، على جدران سكنه في مجمع باب العزيزة كتبت عبارات ساخرة يقول فيها الثوار إنهم يبحثون عن الرجل ذي الشعر المجنون.